أشارت مستشارة الإدارة الذاتية في مقاطعة الجزيرة، جيان حسن، إلى تصاعد معاناة المرأة السورية، وقدّمت تقييماً لدورها في ظل الحكومة الانتقالية، معتبرةً أن الواقع الحالي لا يرقى إلى طموحات السوريين ولا يعبّر عن تضحيات النساء، ودعت إلى تكاتفٍ نسائي لمواجهة سياسات الإقصاء والمساهمة الفاعلة في بناء سوريا المستقبل.
قيّمت مستشارة الإدارة الذاتية الديمقراطية في مقاطعة الجزيرة بإقليم شمال وشرق سوريا، جيان حسن، المشهد السوري عامة وواقع المرأة خاصة. وأشارت في مستهل حديثها إلى أن آمال السوريين، وخصوصاً النساء، كانت كبيرة بعد سقوط النظام، لكنها قوبلت بخيبة أمل واضحة.
وسلّطت جيان حسن في معرض تقييمها للوضع في سوريا بعد مرور عام من سقوط نظام البعث، الضوء على الواقع الذي عاشته المرأة خلال حكم البعث، موضحة أن النظام فرض لغة واحدة وهوية واحدة وعَلماً واحداً على جميع السوريين، ما أدى إلى تدمير كبير كان للمرأة النصيب الأكبر منه، مضيفة أن المرأة السورية، ولا سيما الكردية تعرضت خلال تلك العقود لشتى أنواع الإقصاء والانتهاكات.
وتطرقت جيان حسن إلى ما عاناه الشعب الكردي، واصفةً ممارسات النظام بأنها ما زالت محفورة في الذاكرة، بدءاً من حريق سينما عامودا وحريق السجن المركزي في الحسكة عام 1993، مروراً بسياسات التغيير الديمغرافي والاستيلاء على أراضي الكرد وتهجيرهم، وصولاً إلى أحداث 12 آذار، بالإضافة إلى حرمانهم من حقوقهم في الدستور السوري لعقود. وقد دفع الشعب الكردي، والمرأة الكردية بخاصة، الثمن الأكبر لهذه السياسات.
وأكدت أن الكرد والنساء الكرديات لم يستسلموا، بل قاوموا بعزيمة كبيرة من أجل تغيير النظام، ومع سقوطه تصاعدت الآمال بإقامة نظام ديمقراطي جديد. وأوضحت أن الثورة كانت تهدف إلى تغيير الذهنية وأن السوريين قدموا في سبيل ذلك تضحيات كبيرة، متأثرين برياح الربيع العربي التي شملت المنطقة.
المرأة السورية اليوم تقف في مفترق طرق
ونوهت إلى أن النساء السوريات بعد سقوط النظام كن يأملن بأن يأخذن مكانة واسعة في عملية بناء سوريا الجديدة، وقالت: “لأن الثورة عرفت بأنها ثورة المرأة، لكنها تقف اليوم في مفترق طرق بين ما حققته خلال السنوات الماضية وبين التحديات التي تفرضها المرحلة الانتقالية”، وأضافت: “لقد لعبت النساء دوراً محورياً في مواجهة الحرب، وفي إدارة المجتمعات المحلية، وفي المبادرات المدنية والسياسية”، ورأت أن هذا الدور لا ينعكس بالشكل المطلوب داخل مؤسسات القرار، وهو ما يشكل فجوة يجب سدها سريعاً.
وتابعت جيان حسن حديثها قائلةً: “للمرأة السورية تاريخ طويل من المقاومة والنضال، وقد أسهمت في ربط المذاهب والمكونات والأديان”، كما نوهت إلى الإنجازات التي حققتها المرأة في شمال وشرق سوريا ونظام الرئاسة المشتركة، وعدّته نموذجاً متكاملاً يمكن تعميمه على عموم سوريا.
من جهةٍ أخرى، حذّرت جيان من تفاقم معاناة المرأة في سوريا، مؤكدةً أن نظام البعث كان يمارس الاضطهاد بأساليب خفيّة، بينما تقوم الحكومة الانتقالية اليوم بممارسة الاضطهاد ذاته بشكلٍ علني ومن دون أي رقابة أو محاسبة. وأكدت أن ما كان ينتظره الشعب والمرأة السورية لا يشبه ما يترجم على أرض الواقع، مشيرة إلى إزالة الحكومة الانتقالية لأسماء النساء المقاومات من كتب التاريخ والمناهج الدراسية مثل الملكة زنوبيا وخولة بنت الأزور.
وتابعت: “في ذهنية هذه السلطة، لا توجد المرأة، يرونها مجرد خادمة للعمل والولادة والمنزل، مغطاة بثوب أسود وبين أربعة جدران، حتى أماكن العبادة الخاصة بالمرأة، مثل تمثال السيدة مريم العذراء ومقام السيدة زينب، لم تحترم، وتم الهجوم على النساء في الثورة والدين بكل قوة واضطهاد”.
وأوضحت أن النساء في سوريا من معلمات وطبيبات وعالمات اجتماع وحقوقيات وقاضيات، تعرضن للاضطهاد والتعنيف والإقصاء من مواقع صنع القرار، وتم قتل بعضهن أو نفيهن، محذرة من أن ما يحدث هو “مجزرة مدروسة”، تعكس ذهنية عمرها 5 آلاف عام.
وتطرقت جيان حسن إلى الأحداث الدامية في الساحل والسويداء، ووصفتها بأنها “أحداث غير أخلاقية وغير إنسانية”، مشددة على ضرورة محاسبة كل من كان له دور فيها.
وأكدت أن الذهنية التي قتلت النساء في روج آفا وشنكال وعفرين والساحل والسويداء هي الذهنية نفسها التي تخشى المرأة القوية والعالمة والواعية لحقوقها.
وأضافت: “المرأة السورية، وخاصة الكردية، كانت في طليعة القوى التي طالبت بالتغيير، لكن حضورها في مؤسسات المرحلة الانتقالية لا يزال أقل من حجم تضحياتها ودورها الحقيقي”، وأكدت أن التحديات ليست سياسية فقط، بل اجتماعية أيضاً، إذ تحاول بنية اجتماعية كاملة الحدّ من دور المرأة تحت ذرائع مختلفة.
وشددت على أن استبعاد النساء من مراكز صنع القرار، ليس مجرد قضية تمثيل، بل قضية مستقبل”. وقالت إن غياب صوت النساء في صياغة الدساتير والسياسات العامة، يعني بالضرورة إنتاج منظومة لا تعكس احتياجات نصف المجتمع”.
وختمت مستشارة الإدارة الذاتية الديمقراطية لمقاطعة الجزيرة، جيان حسن، حديثها بالقول: “المرحلة المقبلة تتطلب إرادة سياسية واضحة، وتكاتفاً نسائياً ومجتمعياً لضمان بناء سوريا ديمقراطية عادلة، تكون المرأة أحد أعمدتها الأساسية”.
اللقاء لوكالة هاوار (ANHA)





